ملخص درس الثورة الروسية وأزمات الديمقراطيات الليبرالية | الثانية باكالوريا مسلك الآداب و العلوم الإنسانية
🔺تقديم إشكالي: عمقت الحرب العالمية الأولى أزمة وتناقضات المجتمع الروسي مما تسبب في اندلاع الثورة الروسية 1917 ،وبالتالي قيام أول نظام اشتراكي في العالم، بالمقابل تعرضت الديموقراطيات الليبيرالية بأوربا الغربية لمرحلة من الأزمات. فما السياق التاريخي الندلاع الثورة الروسية ومراحلها؟ وما خطوات إرساء وترسيخ النظام الاشتراكي في روسيا بعد الثورة؟ وما أوضاع الديموقراطيات اللبرالية فيما بين الحربين؟
⏪السياق التاريخي للثورة الروسية ومراحلها.
🔺الأوضاع العامة للمجتمع الروسي قبل اندلاع الثورة.⇯سياسيا׃ نظام قيصري أوتوقراطي يعتمد على جهاز سياسي ممثل في الإقطاع والجيش والكنيسة، مما ساهم في ظهور عدة قوى معارضة.
⇯اجتماعيا׃ التفاوتات الكبيرة بين الكولاك والموجيك في البوادي، وبين البورجوازية والطبقة العاملة في المدن، كما تميزت أوضاع غالبية المجتمع بالبؤس والفقر.
⇯اقتصاديا׃ محدودية القطاع الصناعي الذي تهيمن عليه الاستثمارات الأجنبية، أما الفلاحة فلم تمكن من تحقيق كل حاجيات السكان بفعل محدودية نظام المير واعتماد أساليب تقليدية.
⇯عسكريا: مع توالي هزائم الجيش الروسي في الحرب العالمية الأولى، وقلة تجهيزه، وارتفاع عدد القتلى، بدأت عملية الفرار من جبهات القتال والانضمام إلى الثوار بالمدن والبوادي.
🔺مراحل الثورة الروسية.
⇯ثورة فبراير1917׃ انطلقت الثورة في 23 فبراير 8 مارس 1917 بعد مظاهرات تزعمتها نساء بتروغراد بسبب ارتفاع الأسعار وقلة المواد الغذائية، انضم إليها العمال والجيش مما دفع القيصر نيقولا الثاني إلى الاستقالة، وتشكيل حكومة بورجوازية مؤقتة بقيادة لفوف ثم كرينسكي.
⇯ثورة أكتوبر 1917׃ استغل البلاشفة بقيادة لينين أخطاء الحكومة البورجوازية المؤقتة، وعجزها عن إخراج روسيا من الأزمة، فقاموا بثورة ضد الحكومة المؤقتة يوم 25 أكتوبر 1917م تحت شعار "كل السلطات للسوفييات، الأرض للفالحين، المعامل للعمال، وإنهاء الحرب، وحق تقرير مصير القوميات" فتمكنوا من تشكيل حكومة بلشفية بقيادة لنين ستواجه مشاكل عديدة.
⏪المشاكل التي واجهها البلاشفة وخطوات بناء النظام الإشتراكي׃
🔺المشاكل التي واجهتها الحكومة البلشفيةلترسيخ النظام الاشتراكي قام لنين بإصدار مجموعة من المراسيم من أهمها:
⇯مرسوم السلم: إيقاف الحرب من خلال معاهدة بريست ليتوفسك مع ألمانيا سنة 1918م؛
⇯مرسوم الأرض: مصادرة أراضي المالكين الكبار دون تعويض؛
⇯مرسوم المؤسسات الصناعية: مراقبة العمال للمصانع؛
⇯مرسوم القوميات: منح القوميات حق تقرير المصير؛
لقد خلف صدور هذه المراسيم ردود فعل داخلية وخارجية، تمثلت في تأسيس الجيش الأبيض من طرف أنصار الحكومة المؤقتة، والذي شن حربا على النظام البلشفي بدعم من الدول الرأسمالية، فاضطرت الحكومة البلشفية في الدخول في حرب أهلية (1918-1921) بعد تأسيس الجيش الأحمر، والتي انتهت بانتصار البلاشفة، بعد تطبيق سياسة شيوعية الحرب، وهي تعبئة كل الموارد الاقتصادية من أجل الحرب، بتأميم التجارة ووسائل النقل، ومصادرة فائض الإنتاج لتموين الجيش، أما سياسيا فتم التخلي عن دكتاتورية البروليتاريا لفائدة ديكتاتورية الحزب البلشفي.
🔺السياسة الاقتصادية الجديدة في عهد لنين (النيب)
لمواجهة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي ترتبت عن إجراءات شيوعية الحرب، أقدم لينين على تطبيق سياسة جديدة سميت بالسياسة الاقتصادية الجديدة (NEP) منذ سنة 1921م، والتي مثلت تراجعا مؤقتا عن تطبيق الاشتراكية والانفتاح على الرأسمالية، ارتكزت على:
⇯المجال الفالحي: تم التراجع عن مصادرة فائض اإلنتاج الفالحي.
⇯المجال الصناعي والتجاري: تشجيع المبادرة الحرة والانفتاح على الرأسمال الأجنبي، والسماح بتأسيس المقاوالت الصغرى، والتراجع عن تأميم الوحدات الصناعية الصغرى والمتوسطة.
⇯سياسيا: تأسيس االتحاد السوفياتي كاتحاد فيدرالي سنة 1922 يضم مختلف القوميات.
من أهم نتائج هذه السياسة انتعش االقتصاد السوفياتي، واستفادت فئة الكوالك والطبقة البورجوازية
🔺سياسة التخطيط في عهد استالين
بعد وفاة لينين في يناير1924 تسلم الحكم جوزيف ستالين بعد القضاء على معارضيه وخاصة تروتسكي، محوال النظام السياسي السوفياتي إلى
نظام دكتاتوري، حيث عمل على ترسيخ النظام االشتراكي بإلغاء سياسة النيب، ونهج سياسة التخطيط التي تقوم على وضع تصاميم خماسية، وذلك
بهدف تحويل االتحاد السوفييتي من بلد زراعي ضعيف إلى بلد صناعي قوي ومستقل عن األطماع الرأسمالية.
وهكذا فقد استهدف المخطط الخماسي األول والثاني إنشاء السوفخوزات )أراضي الدولة( وتجميع األراضي في إطار الكولخوزات )النظام
التعاوني( واالهتمام بالصناعات الثقيلة واالستهالكية، إال أن المخطط الخماسي الثالث تأثر بظرفية الحرب العالمية الثانية بسبب تحويل بعض
المعامل لإلنتاج الحربي... أما المخطط الرابع والخامس فاهتما بتطوير الصناعة الثقيلة واالستهالكية وتوسيع مجالها في األورال وآسيا الوسطى.
خلفت هذه السياسة حصيلة إيجابية جدا بالنظر للتحوالت االقتصادية والمجتمعية التي رافقتها.
⏪أوضاع الديموقراطيات الليبرالية في ما بين الحربين العالميتين׃ إيطاليا وفرنسا نموذجا׃
🔺الأوضاع في إيطاليا بعد الحرب العالمية الأولى.خرجت إيطاليا من مؤتمر الصلح ومعاهدة فرساي دون أن تحقق أطماعها التوسعية وأهدافها الاقتصادية، فدخلت في أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية تمثلت في׃
⇯سياسيا׃ حكومة ضعيفة لم تستطع انتزاع مطالبها التوسعية، وعاجزة عن حل مشاكلها الداخلية، وأحزاب متعددة (يمينية واشتراكية ثورية) تعرف صراعات كبيرة داخل البرلمان.
⇯اقتصاديا׃ صناعة تعاني نقصا شديدا في المواد الأولية ومواد الطاقة، ونقص حاد في المواد الغذائية لضعف الإنتاج الفلاحي، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار.
⇯اجتماعيا׃ خيبة كبيرة للسكان من نتائج الحرب ونتائج مؤتمر الصلح، تدهور وضعية الفلاحين والعمال، تزايد الإضرابات والمظاهرات العمالية، البطالة...
في ظل هذه الأوضاع وبدعم من البورجوازية تبنى الحزب الوطني بقيادة بنتو موسوليني الفاشية، الذي تمكن من تطوير الفاشية من جماعة معادية للشيوعية والاشتراكية إلى حزب ديكتاتوري قوي، اعتمد العنف السياسي للوصول إلى السلطة، مما اضطر الملك ايمانويل الثالث إلى تعيينه رئيسا للوزراء سنة 1922م ليتمكن من بناء نظام ديكتاتوري بإيطاليا.
🔺الأوضاع في فرنسا بعد الحرب العالمية الأولى.
عرفت فرنسا بعد الحرب العالمية الأولى أزمة كبرى في جميع القطاعات:
⇯اقتصاديا׃ خسائر بشرية ومادية فادحة، ترتب عنها عجز في الميزان التجاري وغزو البضائع الأجنبية خاصة بعد ارتفاع قيمة الفرنك الفرنسي أمام العملات الأجنبية.
⇯اجتماعيا׃ خلل كبير في البنية العمرية (ارتفاع عدد الشيوخ) والجنسية (ارتفاع عدد النساء)، تضرر جميع الفئات الاجتماعية من الحرب، انتشار البطالة...
⇯سياسيا׃ تحميل الرأي العام مسؤولية الأزمات للمؤسسات والأحزاب المتعددة نتيجة فشلها في تشكيل اغلبية برلمانية متجانسة، ازدياد التخوف من الخطر الألماني مما أدى إلى تشكيل كتلة وطنية سنة 1919م عجزت عن حل الأزمة.
في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية المتأزمة أقدم اليسار الفرنسي على التحالف مع اليمين، واعتماد خطة بوانكاي التي شملت إصلاحات اقتصادية ومالية من أجل حل الأزمة، ومن أهم إجراءات هده الخطة تخفيض قيمة الفرنك بنسبة 80.%
🔺خاتمة: إذا كانت الحرب العالمية الاولى ساهمت في وصول البلاشفة للحكم وتمكنهم من معالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، فإن البلدان الديموقراطية اللبرالية بأوربا الغربية أصبحت مهددة بالتطرف السياسي في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية والتي تفاقمت بعد الأزمة الاقتصادية سنة 1929م
إنجاز: الأستاذ نورالدين الشوح